إسرائيل لإحتواء الإنسحاب الأميركي : "المهم ألا يخرج الأسد بشارة النصر" نقاط على الحروف ناصر قنديل

- تتقاطع عشرات التقارير والدراسات الصادرة في واشنطن وتل أبيب التي تولت دراسة قرار الإنسحاب الأميركي من سورية عند نتيجة واحدة ، أن الرئيس السوري يقترب من نصره النهائي وحصاد ثمار صموده ، وأن اسرائيل تتجه إلى أسوأ أوضاعها منذ ولادتها ككيان قبل سبعين عاما ، فيختصر المراسل المخضرم للشرق الأوسط إليجا ماجنير في موقع مون الاباما الواسع الإنتشار المشهد القادم بقوله "الولايات المتحدة تغادر ودول الخليج العربي عادت إلى دمشق لموازنة تركيا، سيبقى الأكراد مع سورية وسيتم تحرير إدلب" ويستنتج " لقد قامت سورية بتطوير صواريخ دقيقة قادرة على ضرب أي مبنى في إسرائيل و لدى سورية أيضاً نظام دفاع جوي لم يكن ليحلم به أبداً قبل 2011 بفضل انتهاك إسرائيل المستمر لمجالها الجوي وتحديها للسلطة الروسية، وقام حزب الله ببناء قواعد لقذائفه طويلة المدى ودقيقة المدى في الجبال ، وأقام علاقة مع سوريا لم يكن بوسعها تأسيسها إن لم يكن من أجل الحرب ، و لقد أنشأت إيران الأخوة الإستراتيجية مع سوريا بفضل دورها في هزيمة خطة تغيير النظام ، ونشأت رابطة سورية عراقية إستثنائية ، ليخلص للقول "لم يكن المحور المعادي لإسرائيل أقوى مما هو عليه اليوم. هذا هو نتيجة حرب 2011-2018 المفروضة على سوريا". - بالتوازي تتقاطع مجلة إيكومونيست ومجلة أميركان أنترست في قراءة نتائج الإنسحاب الأميركي عند نتائج مشابهة ، إذ بدأ الصحافي الأمريكي ليون هادار مقاله المنشور في مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية بأنه "من الممكن فهم ردود الفعل الهستيرية بين أعضاء المؤسسة السياسية الإسرائيلية ووسائلها الإعلامية على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإجلاء 2000 جندي أمريكي من سوريا، فسوف تُترك إسرائيل الآن وحدها بدون حماية أمريكية " ، وقالت مجلة "الإيكومونيست" إن الأمر لم يستغرق طويلاً حتى ترددت أصداء القرار في أنحاء الشرق الأوسط. فقد ابتهج النظام السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيون به، وسارعت دول عربية للمصالحة مع بشار الأسد. بل وتفكر جامعة الدول العربية في إعادته إلى الحظيرة العربية. وارتمى الأكراد حلفاء أمريكا، وهم يشعرون بالخيانة، في أحضانه لصد الغزو التركي الذي يلوح في الأفق. أما إسرائيل، فقد سارعت لمحاولة احتواء الضرر". - كيف تحركت إسرائيل لإحتواء الضرر هو السؤال الجوهري ، والجواب هو في الجولة المزدوجة لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون على دول المنطقة ، وعنوان الحراك المزدوج شعر واحد ، "المهم ألا يخرج الأسد منتصرا فلا تخرج إسرائيل مهزومة " ، وبالتالي لا يجوز للتسابق نحو دمشق أن يستمر ، عربيا وكرديا وتركيا ، والمطلوب تنسيق الخطوات بما يطمئن بالتحكم بفرملة روزنامة الإنسحاب بما يضمن سلاسة الخطوات اللاحقة للحفاظ على نوع من التكامل التركي الكردي العربي ، يضمن منع ضهور سورية في موقع المنتصر ، فيجنب إسرائيل كأس الهزيمة المرة . - جاء بومبيو وبولتون بوصفة "على العرب ألآ يعيدوا سورية فورا إلى الجامعة وأن يتدرجوا ، وأن يضعوا الشروط ، لتبدو العودة خضوعا سوريا لشروط عربية "، والإستجابة السريعة كانت مفاجئة من مصر التي كان في ضيافتها رئيس مجلس الأمن الوطني في سورية اللواء علي المملوك قبل أيام ، والكلام الذي قاله وزير الخارجية المصرية عن شروط على سورية تلبيتها ، حول تسريع مسار الحل السياسي هو عمليا دعوة لا معنى لها ، لأن مستقبل العملية السياسية على الطرف الموازي للدولة السورية تمسكه تركيا ، التي يفترض أن إستشعار مصر والسعودية لخطورة تفردها في سورية حرك مساعيهما للإنفتاح على سورية ، والنتيجة الوحيدة هي إثارة شكوك سورية بجدوى التجاوب مع مساعي الإنفتاح ، والرأي العام في سورية بالأصل يرفض كل عودة للجامعة العربية التي كانت شريكا في المؤامرة على سورية ، ويشكك بجدوى التسامح وعدم وضع شروط للعودة منها الإعتذار العلني والتعويض عن نتائج الخراب الذي جلبه الموقف العربي على سورية . - على ضفة موازية على الأكراد أن يتوقفوا عن تقديم العروض للحكومة السورية تفاديا لعمل عسكري تركي فواشنطن تضمن عدم حدوثه ، وبالمقابل على الأتراك الإمتناع عن مهاجمة مناطق السيطرة الكردية مقابل ضمان واشنطن لتفدرهم بإدارة ملف المعارضة السورية في مسار جنيف ، وتدعيم الجماعات التابعة لتركيا في إدلب ، نجح بولتون مع القيادات الكردية وفشل في تركيا ، فهو يبيع الأتراك من حسابهم وقد ضمونا حصرية ملف المعارضة عبر موسكو ، وجماعتهم في إدلب يتساقطون أمام جبهة النصرة والتعويض الوحيد بدور على المناطق الحدودية على حساب الجماعات الكردية المسلحة ، فعاد بولتون بخفي حنين لأنه يتعامل مع دولة تابعة وفي حلف الأطلسي لكنها تقيم حسابا لمصالحها ، بينما نجح بومبيو لأنه تعامل مع حكومات لا تجرؤ على وضع مصالحها فوق المصالح الأميركية والإسرائيلية . - الحصيلة طبعا لن تكون على الهوى الإسرائيلي ، فلا تصلح الماشطة الوجه العكش ، ولو كان إسم الماشطة بولتون وبومبيو ، فقط سيخسر الحكام العرب فرصة العودة إلى سورية بجامعتهم الهزيلة ، إلا بشروط سورية هذه المرة ، وسيدخل الجيش السوري إدلب وشرق الفرات ، ويبكي حكام الجامعة خسارة دورهم ، كما بكى اسلافهم خسارة حكم الأندلس ، يبكون كالأطفال دورا لأنهم لم يدافعوا عنه كالرجال .

2019-01-09 | عدد القراءات 2345