قرار الحكومة السعودية إعدام المعارض البارز الشيخ نمر النمر ، يفتتح مرحلة جديدة للتطورات داخل الجزيرة العربية وخارجها ، فالقرار لم يأت في سياق مواجهة وضع داخلي متأزم قامت خلاله إنتفاضة تزعمها الشيخ النمر ، بعدما تحولت إلى مواجهة مسلحة وألقيت عليه مسؤولية التحريض على ذلك .
الشيخ النمر داعية نضال سلمي يرفض العنف ، ويحرم اللجوء للسلاح ، وفي منطقته وبين أهله يدعو للصبر على الظلم و الإعتصام بالكلمة سلاحا ، وظروف قرار الإعدام ليست قضائية ولا داخلية ، بل مجرد إستثمار لهوية الشيخ النمر المذهبية لإستعماله رسالة تصعيدية بوجه إيران ، بسبب هيستيريا سعودية من قرب توقيع الإتفاق النووي الإيراني مع الغرب ، لأنهم لا يجرأون على إشهار غضبهم بوجه الغرب ، السعودية تعبر عن غيظها تجاه إيران و تكريس مكانتها الجديدة في المنطقة والعالم ، وحكم الإعدام تعبير عن تصرف جنوني في ضوء القلق من أحداث اليمن وخسارة آل سعود لمركز الثقل الخليجي الذي يمثله اليمن .
يريد آل سعود ان يقولوا ، سنبيد ثلث السكان ولن نسمح بحراك ضد التمييز العنصري ، لكن الحكم العنصري في جنوب أفريقيا لم يكتف بالقول بل فعل ، ولم يعفه ذلك من تذوق كأس السقوط ومرارتها .
لن يتراجع الحوثيون عن الإنجازات التي حققوها في بلدهم لشعبهم ، كي تهدأ نفوس آل سعود ، ولن تتراجع إيران عن مطالبها بوجه الغرب ، ولا عن توقيع الإتفاق النووي ، ولا عن مكانة تتسحقها بمواقفها الإستقلالية امام تسليم حكام الخليج مفاتيح بلادهم للأجانب ، و بثباتها مع المقاومة في لبنان وفلطسين والعراق بينما يساند حكام الخليج الإحتلال .
ماذا عسى آل سعود يفعلون ؟
خسروا في سوريا لأن الكيد والحقد إرتفعا فوق السياسة والعقلانية ، وخسروا في اليمن ، وهم يعلمون أن شركاءهم الخليجيين ، يمدون الروابط مع إيران تحسبا لنهاية الحقبة السعودية ، ويعلمون أن الأميركي بات يعاملهم كما يعامل إسرائيل كعبء إستراتيجي بعدما فقدا معا صفة القيمة المضافة ، وأنه خلق لهم داعش ليمتص ما تبقى لديهم من مال في صفقات سلاح وإتفاقيات حماية ، وبعدها سيرميهم كما رمى مبارك وبن علي وقبلهما شاه إيران .
يعلم آل سعود أن التطاول القطري على دورهم ومكانتهم ، ليس تعبيرا عن قدرات إمارة الأقل من ربع مليون ، بل إستشعار لإيحاءات ما يجري في واشنطن ، فكيف بالتطلع العثماني لحاكم أنقرة ، ويعلمون ان وهم إمساك مصر ليس إلا سرابا لا يزيدهم قوة ، فماذا عساهم يفعلون ؟
الطريق العقلاني الوحيد هو الإنفتاح على الشعب وقواه وإنصاف أهل الحقوق ، وقبول التغيير السلمي الذي يرتضي أهل الحقوق وفي مقدمتهم الشيخ النمر ان يكون متدرجا ، بإنتخابات برلمانية حرة تشارك بنتيجتها الناس في تقرير مصيرها عبر حكومة أغلبية في ملكية دستورية ، لا زال آل سعود يمنعون قيامها في البحرين .
الكيد والحقد قد يدفعان بآل سعود لإشعال الحريق الكبير بتنفيذ الإعدام ، بالشيخ النمر ، و النتيجة الطبيعية أن تتحول شهادته لحريق شامل في بلده وبين ناسه ، ان يسقط الكثيرون من المعارضين الخيار السلمي وتبدأ دورة عنف لا يعرف احد نهايتها .
يملك آل سعود آلة قمع دموية ، لكن التاريخ يقول ان انظمة اشد قسوة وأكثر إمتلاكا لمشروعية البقاء ، سقطت عندما إرتكبت غلطة الشاطر ، والمعنى في قلب الشاعر .
2014-11-10 | عدد القراءات 1842