ـ يعرف الرئيس فؤاد السنيورة قبل سواه أنه يستطيع قول ما يشاء في السياسة عن مدير عام وزارة المال الذي عاصره عقداً من الزمن وأكثر أثناء توليه وزارة المالية، ولاحقاً رئاسة الحكومة، لكنه لا يستطيع الطعن بذمته المالية أو تورّطه في الفساد أو تحمّله مسؤولية إدارة الوزارة رغماً عن الوزير ورئيس الحكومة، وبالتالي تحميله مسؤولية الفوضى والضياع والتسيّب في حسابات الوزارة التي كان يتأستذ السنيورة على اللبنانيين بأنه أعاد تكوينها على أصول تراعي المعايير الدولية منذ ما بعد الحرب وفي كلّ حكومات ما بعد اتفاق الطائف تقريباً.
ـ كان السنيورة يراهن على صمت بيفاني لأنه عندما يتكلم بيفاني فسيضطر السنيورة إلى أحد أمرين إثنين أحلاهما مرّ، الصمت أو طلب التحقيق القضائي.
ـ تكلم بيفاني وهو الخبير بشؤون المال بحيث لا يمكن جعل خبرته موضع اجتهاد والمتقن لعلوم الإدارة والدقيق في التعامل مع التفاصيل، وقال الكثير من الكلام الخطير وما عاد يفيد تقاذف كرة الكلام بعده، فالذي قاله بيفاني صرخة تهزّ الدولة مضمونها أنّ «الأستاذ» الذي أخذ اللبنانيين على حين غرّة بذريعة تنظيم ماليتهم العامة وتربّع على عرشها لثلاثة عقود متواصلة بصفات متعدّدة كان يبدّد أموالهم ويضعها بعهدة مجموعة من زراع الفوضى والعابثين ورسم علامات استفهام حول أسبابهم ومصالحهم ووضع حماية السنيورة لهم وزيراً أو رئيساً للحكومة بين قوسين.
ـ المسؤولية التي تقع على عاتق العارف بالقوانين والأصول عندما يرتكب المخالفات المتمادية ليست سهواً ولا جهلاً، وعندما يخوض معاركه لحماية استمرار التسيّب وتحويل المخالفات إلى طريقة عمل ويجتاح الإدارة والمؤسسات بالأزلام والمحاسيب بألقاب مستشارين ليفرض هذا النهج في التعامل مع المال العام يصير الأمر جريمة عن سابق التصوّر والتصميم لتخريب البلد وتشتيت ماله لنية مسبقة لا تقع إلا في إطار إضعاف مناعته وإسقاط دولته لجعله نهباً للدين ومصادر الدين وفوائد الدين، ورهنه لإرادة ومشيئة المصارف والصناديق فتضيع السيادة كما يحدث تحت الإحتلال وهذا هو احتلال من نوع آخر.
ـ القضاء اليوم أمام كلام من نوع آخر، وقد آن الأوان ليخرج الحديث عن بناء الدولة من تجاذبات السياسة، فالمتحدث مدير عام المالية لعقدين من الزمن وليس نائباً في حزب الله فهل تهزّ صرخة بيفاني جدران العدلية؟
التعليق السياسي
2019-03-07 | عدد القراءات 2160