مكاسب معركة الفساد

ـ أخطر ما في معركة الفساد هو تسلل الوهن واليأس إلى صفوف الصادقين في خوضها بسبب عدم التمكّن سريعاً من سوق الفاسدين إلى المحاكم، أو عدم النجاح الفوري في إعادة بعض مهمّ من المال المنهوب لأنّ من نتائج ذلك تضييع مكاسب النهضة التي فرضتها الحملة في البيئة السياسية لحساب الخوف من التلاعب بالمال العام.

ـ الأخطر هو أن تبدأ نظريات من نوع عفا الله عما مضى بالتسلل إلى الحملة تحت شعار أنّ المهمّ هو المستقبل وليس الماضي لأنّ مخاطر نظرية عفا الله عما مضى هي إيصال رسالة للفاسدين مضمونها بإمكانكم مواصلة الفساد وسيأتي غداً من يقول عن فساد اليوم أيضاً عفا الله عما مضى، فإبقاء الملفات مفتوحة دون براءة لفاسد أفضل ألف مرة من طي الصفحة بعفا الله عما مضى.

ـ المكاسب المحققة حتى اليوم كبيرة ولا يُستهان بها ولا يجوز التقليل من أهميتها رغم الحديث عن الخطوط الحمر، فيكفي أنّ الفاسدين في حال دفاع وتوتر وقلق واستنفار ويحاولون تسييس المعركة استباقاً لأيّ ملاحقة، ويكفي أنّ الوزراء والمدراء وكبار الموظفين يخشون التوقيع على معاملات غير مستوفية للشروط القانونية سواء في التوظيف أو في الإنفاق، وحال التوتر هذه بحدّ ذاتها عامل ردع لضمان التفكير ألف مرة قبل ارتكاب التجاوزات.

ـ يكفي أن يبقى هذا المناخ سائداً وتترك الأمور تأخذ وقتها، فالإنجاز الأهمّ هو إعادة تكوين المالية العامة للدولة بعد تسيّب دام لربع قرن بقرار كي لا تكون مساءلة ومحاسبة ومن ضمن الملفات المنجزة وبالعزم على إبقاء شعلة الملاحقة حية ستظهر في تحقيقات مؤسسات الرقابة أرقام وأسماء وسيكون ذلك إنجازاً كبيراً أيضاً ولو كانت الملاحقة بحدّ ذاتها قضية غير سهلة لكن المهمّ أننا نتقدّم ولو ببطء.

التعليق السياسي

2019-03-08 | عدد القراءات 1723