– المرأة في هذا الشرق أماً وزوجة وحبيبة وأختاً وبنتاً وصديقة فكر وزميلة عمل وعامل نهوض وقوة في مجتمع ظالم قائم على التهميش والتهوين وإحباط كل مصادر القوة في المرأة، ورغم ذلك تتفوّق المرأة على ذاتها فتُنجز المعجزات. وها هي تعتلي مراتب العلم وتربّي أبناءها للشهادة في سبيل الوطن ولا تتوانى عن حمل السلاح، وهي التي حملت القلم والعلم وراية العلو والرفعة في كل المهن، بينما كثرة من الرجال يتلهّون بالحديث عن قلة من النساء المتعلّقات بالشكل والزينة والإغراء يقدمونهن نموذجاً تافهاً للمرأة، وفي دواخلهم الذكورية يريدون لهذا النموذج أن يسود، ويتناولونه في سرهم ومجالسهم الخشنة بفرح، لكنهم يخشونه أماً وزوجة وأختاً وابنة.
– في يوم المرأة فلتتقدّم النساء بلا تردد مراتب التقدم الجادة بدلاً من التلهي بما يقوله بعض الرجال، وملاقاة الرجل المناسب اهتمام يستحق، لكنّه لا يرقى ليكون محور الحياة، كما هو سعي الرجل لملاقاة المرأة المناسبة، ويكتب للمرأة أنها أشد انسجاماً مع ذاتها فنموذج الرجل الذي يعجبها تريده أباً وزوجاً وابناً وأخاً، فهي الأشد صدقاً على العموم، لكن عليها أن تعيش لعقلها أولاً، وتدرك أن تصغير مكانتها يبدأ من جعل اهتمامها بالرجل قبل الاهتمام بذاتها، ولا يحق لها أن تنسى أن الحقوق تُفرَض بالوقائع ولا تنال بالتوقيع أو أن تبالغ بالتذكّر بأن الحقوق موضوع قتال فتقع في حرب بلا سبب والحرية والمساواة مسار تراكم.
– لا حاجة لحركة نسويّة لإنصاف المرأة كما لا حاجة لحركات ضد الفساد لمكافحته، فالبناء يبدأ من الذات. وهذه خلاصة قرون من تجارب البشر، بناء المرأة للذات النسائية الجادة والمكافحة والمثقفة والمسؤولة في المجتمع بالتوازي مع حرصها على أنوثتها ومكانتها في الحب والزواج وبناء الأسرة، هو الطريق. ومتى تكاثر هذا النموذج وترجّحت كفة الميزان لحسابه تغير المجتمع وتغيرت التقاليد وتغير التوازن، كما في مكافحة الفساد أن يكثر الصالحون الذين لا تُغريهم الأموال السهلة، ولا تثنيهم عن النزاهة سهولة النفاذ من الملاحقة والمساءلة، عندها يختلّ التوازن وتتغيّر المعايير ويحاصر الفاسدون ويخجل المتسلقون وتضعف الحمايات.
– في يوم المرأة العالمي فليلتفت كل رجل لأمه وزوجته وحبيبته وابنته وأخته وصديقته وزميلته ويسأل نفسه عن درجة الإنصاف التي يدير بها علاقته بهذا الكائن الإنساني العظيم الذي به تبدأ الدنيا وعنده تنتهي.
ناصر قنديل
2019-03-08 | عدد القراءات 2169