عندما يصدر الكرملين والبيت البيض بينانين متشابهيم لتوصيف محادثات بالبناءة بين رئيسي أكبر دولتين في العالم روسيا وأميركا ، ويعلنان أن محادثة هاتفية جمعتهما لساعة ونصف تناولا خلالها الملفات الدولية من كوريا الشمالية إلى فنزويلا إلى ليبيا وسورية وتعلن موسكو بعدها إستعدادها لإتفاقية خاصة بالتسلح تضمها مع واشنطن وبكين فنحن هنا أمام ثلاثية العالم الجديدة
يبدو البيت البيض مدركا لمحدودية الخيارات بوجه فنزويلا بعد الإنقلاب الفاشل ، وبوجه إيران بعد نسبة التمرد على العقوبات من حلفاء واشنطن وخصومها معا ، كما يبدو مدركا لفرص تفاهمات في أماكن وربط نزاع في أماكن ، بما يجنب واشنطن خطر الخسارة أو خطر المواجهة غير المحسوبة وغير المرغوبة
أنصاف التسويات أو تسويات التغاضي بدلا من تسويات التراضي تبدو على الطاولة الآن وربما تكون ليبيا أول ساحاتها بحضور روسي يعوض الخروج المخزي الذي فرض على موسكو بالخداع في قرار مجلس الأمن الذي وافقت عليه موسكو وشرع حروب الناتو يومها لإحتلال ليبيا ولا زالت مرارة طعمه والمهانة معها على لسان الرئيس الروسي يكرر الحديث عنها هو ووزير خارجيته في كل مناسبة
التطورات الباردة في السودان والجزائر توحي بقرار دولي كبير بعدم الضرب تحت الحزام وجعل المسار الليبي تحت السيطرة يؤكد الإتجاه ذاته ، وفي البلدان الثلاثة تلتقي روسيا وفرنسا وحلفاء أميركا في السعودية والإمارات ومصر في مشهد ملفت ، والمشهد الكوري للتبريد نحو تفاوض جديد وفي سورية تسارع سياسي عسكري تحت المظلة الروسية
مراقبة بعيدة عن التوقعات المسبقة مطلوبة لفهم الكثير مما يجري في رسم متوقع لخرائط التسويات ربما يستمر على نار ولكن هادئة في السنتين الباقيتين من ولاية الرئيس الأميركي إستعدادا لولايته الثانية