ناصر قنديل
– خلال الأسابيع الماضية تحولت منطقة الخليج إلى قبلة أنظار العالم في مشهد افتتحته الحشود الأميركية الواصلة إلى هناك تحت شعار ردع إيران، كما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأركان إدارته بالتتابع والتوالي. وخلال الأسابيع الماضية كانت واشنطن التي هدّدت إيران بالويل والثبور وعظائم الأمور، لا تقول إلا الكلام، فهي قالت إن أي استهداف لمصالح أي من حلفائها على أيدي حلفاء إيران سيرتب عقاباً وخيماً لإيران، ثم بدأ أنه مجرد قول، لأن الاستهداف وقع وتمّ وأعلن أنصار الله مسؤوليتهم عن تمدير خطوط أنابيب نقل النفط بين شرق السعودية وغربها، واكتفت واشنطن بالمراقبة ومن ثم بتعديل القول إلى قول آخر مضمونه أنها لا تريد الذهاب إلى حرب، ولذلك لن تتدخل عسكرياً إلا إذا تعرضت قواتها. وجاء الفعل فأسقطت إيران طائرة التجسس الأميركية العملاقة بصاروخ إيراني، واكتفت واشنطن بالقول، وعدلت أقوالها السابقة فهي تتجنب المواجهة طالما لم تكن نتيجة الفعل سقوط دماء.
– خلال الأسابيع الماضية كانت إيران تنفذ قرارها بالخروج التدريجي من الاتفاق النووي، فرفعت كمية مخزونها من اليورانيوم المخصب ورفعت درجة التخصيب، وأعلنت عن وجبة ثانية من الخطوات في ستين يوماً قادمة، ستتضمن تشغيل معمل آراك للماء الثقيل ورفع جديد لنسبة تخصيب اليورانيوم ومواصلة تخزين ما تمّ تخصيبه، اقتراباً من امتلاكها كامل المعطيات والمواد والأدوات اللازمة لبرنامج نووي قابل ليتحوّل عسكرياً إن أرادت طهران ومتى أرادت، وواشنطن تقول إنها ستمنع إيران من الاقتراب من امتلاك مستلزمات إنتاج سلاح نووي حتى لو كانت إيران لا تنوي امتلاك هذا السلاح، لأنها لا تقبل أن تكون ضمانتها هي النيات الإيرانية. بعدما فرطت واشنطن بالطريقة الوحيدة المتاحة لتقديم هذا الضمان التي مثلها الاتفاق النووي ولم تقدم بديلاً عنه، سوى رهان أعمى على فعالية العقوبات بجلب إيران ضعيفة إلى طاولة تفاوض جديدة بالشروط الأميركية، وإيران تبتعد أكثر فأكثر عن الوجهة التي ترغب واشنطن برؤيتها.
– الملاحة الدولية في الخليج كانت عنوان ادعاء واشنطن لمبررات الحشود العسكرية التي دفعت بها إلى المنطقة، وبعد حجز بريطانيا لناقلة النفط الإيرانية وقيام بريطانيا بتمديد الحجز رغم التفاوض على إطلاقها، قال الرئيس الأميركي إن قواته منعت إيران بالقوة من حجز ناقلة نفط بريطانية، فنفت إيران كلام ترامب عن محاولة مزعومة مؤكدة أنها عندما تريد فعل ذلك ستفعل ولن يكون بمستطاع الأميركيين والبريطانيين منعها، ثم لم تلبث طهران أن أعلنت حجز سفينة بريطانية، فتابع ترامب القول، فقال إن سفنه الحربية أسقطت طائرة إيرانية مسيرة فوق إحدى السفن الأميركية، فنفت إيران القول، وأظهرت شريطاً مصوراً لطائرتها تحلق فوق السفينة الأميركية وحاملة الطائرات وتصوّرها، قبل موعد حديث ترامب وبعده، مرجحة أن يكون الأمر هو قيام السفن الأميركية بإسقاط طائرة أميركية عن طريق الخطأ، وتوهم أنها طائرة إيرانية، فجدد ترامب القول إنه واثق من إسقاط طائرة إيرانية، لكن دون دليل يوازي الدليل الذي قدمته إيران، ثم أعلنت إيران فعلاً قيامها بحجز ناقلة نفط بريطانية، لأنها خالفت قوانين الملاحة الدولية .
– خلاصة الأسابيع الماضية حتى ليل أمس تقول إن المعادلة التي تحكم المواجهة في الخليج هي أن إيران تفعل ما تشاء وأن ترامب يقول ما يشاء، سلاح إيران هو الوقائع والأفعال وسلاح ترامب هو التغريدات.
2019-07-20 | عدد القراءات 17690933