– في تاريخ السياسات الأميركية مع مَن تسمّيهم حلفاء في المنطقة الكثير من الحكايات التي تمتلئ بالاستخفاف والاستهتار والتسخيف قبل كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن حكام السعودية بطريقة مهينة لا تراهم إلا كيساً للمال أو مجرد عبء يتم تحمّله لغايات مصلحية ظرفية حتى يمكن القول ان واشنطن لم تنظر يوماً لما يمكن أن يقوم بينها وبين أي قوة سياسية في منطقتنا ما عدا كيان الاحتلال إلا بصفته ورقة تستخدمها عند الضرورة وتحرقها وقت الحاجة وتورطها في كل الأوقات.
– ما يجري في الخليج بعدما اتضح أن واشنطن ضحكت على حكامه بمسرحية استحضار قواتها كأنها ستخرج للحرب على إيران، خصوصاً إذا ما مست مصالحهم وبالأخص النفطية منها. وجاءت الوقائع تكذب هذا الوعد المخادع يقول إن واشنطن تلاعبت بحكام الخليج وورطتهم بالتصعيد ضد إيران ثم حولتهم إلى أوراق تفاوضية مع إيران ولا مانع لديها كما تقول تطوّرات اليمن من أن يكونوا أوراقاً محروقة أيضاً.
– قبل قرابة أربعين عاماً كان الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل يزور واشنطن محتجاً على عدم تقيد الاحتلال باتفاق 17 أيار وما يقتضيه التنسيق المسبق لإرسال الجيش اللبناني إلى الجبل ليحلّ مكان جيش الاحتلال المنسحب فسمع كلاماً تشجيعياً عن دنو المواجهة مع سورية وخرج يهدّد بقصف دمشق. وبعد شهور كانت واشنطن تسحب المارينز من بيروت وتكشف تفاهماتها مع دمشق فسئل مستشار الأمن القومي آنذاك روربت ماكفرلين عن سبب هذا التلاعب بحليف وتوريطه، فأجاب لو قلنا له إننا نفاوض دمشق لسبقنا إليها ونحن مَن يفاوض وليس هم.
– يتكرر شيء شبيه اليوم عشية الحسم في إدلب وما تخشاه واشنطن من سقوط المعقل الأخير لرهانها على مساومة سورية على الجغرافيا وخشيتها من دنو ساعة انسحاب القوات الأميركية التي تحتفظ بها كورقة تفاوضية لمقايضتها بالوجود الإيراني طلباً لمكاسب لحساب أمن «إسرائيل»، لذلك تحرق واشنطن كل ما تعتبره أوراقاً ويسميها أصحابها تحالفات فتورطهم في نزاعات هدفها الصخب والضجيج التفاوضي عشية معركة إدلب. والمثال أمامنا في بيان السفارة الأميركية حول حادثة قبرشمون وربما في التشجيع عليها قبل وقوعها أصلاً.
ناصر قنديل
2019-08-09 | عدد القراءات 2348