ناصر قنديل
– حجم التهالك الذي يعيشه الحلف الذي تقوده واشنطن، ويشكل كيان الاحتلال عموده الفقري ورأس حربته، وعنوان قوته، وقدرة ردعه، بلغ حداً صارت الحروب عند كلمنجيته العرب في السياسة والإعلام، حروب كلام، ولعبة خداع بصري، وذكاء اصطناعي. ففي مرحلة سبقت الحشود الأميركية في الخليج، كان كل الحشد الكتابي والكلامي والخطابي يجري تحت عنوان، الويل والثبور وعظائم الأمور، وها هي إيران تواجه ساعة الحقيقة والعقاب آتٍ، والحشود العسكرية تأتي للحرب أو للتلويح بالحرب، وهذا هو الردع. ولكن إيران لم تمتثل ولم تفت في عضدها لا الحشود الحربية ولا التهديدات، ووقعت أول مواجهة وأسقطت إيران أهم الطائرات الأميركية في العالم، وصمتت واشنطن وهربت من المواجهة، وبدأت تتحدّث عن استفزاز إيراني لجرها إلى حرب لا تريدها، دون أن تفسر إذن لماذا جاءت بالحشود. ثم تفتقت عبقرية الكلمنجية عن تسخيف إسقاط الطائرة، والبعض قال إنها خدعة أميركية لكشف الدفاعات الإيرانية، ومعلمهم دونالد ترامب قال إنه خشي من الرد على الضربة لأنها ستزهق أرواح مدنيين.
– في تداعيات ما فعله جيش الاحتلال عبر العدوان المزدوج في سورية ولبنان، وأسفر عن شهيدين للمقاومة، وخرق عدواني للأجواء اللبنانية، وإعلان المقاومة عزمها على الرد، عادت حشود الكلمنيجة لصف الحكي، واجترار الكلام ذاته، لبنان معرض للدمار بسبب مغامرات حزب الله، أو حزب الله لن يجرؤ على الرد لأن إيران في حال مفاوضات، أو خطر الحرب وشيك وخطير وكبير، أو أن حزب الله كما محور المقاومة يكثرون الكلام عن حق الرد، ولكنهم يحتفظون به في ثلاجة مبردة طويلة الأمد، لكن ماذا حدث عندما وقع رد المقاومة بما فيه من جديد نوعي يتمثل باستهداف موقع للاحتلال في فلسطين المحتلة عام 48، وتهرب جيش الاحتلال من الرد، مكتفياً بقذائف القشرة كتقليد عسكري لكل الجيوش بعد كل تعرض للاستهداف لا يعتبر رداً، الذي حدث أن كيان الاحتلال انكفأ تحو حرب الكلام، ومن ورائه هبت حشود الكلام، تارة تسخف العملية، وتنسى أنه لو أطلقت طلقة عبر الحدود، وخصوصاً نحو فلسطين المحتلة عام 48 قبل سنوات أو من غير حدود لبنان لخاض كيان الاحتلال حرباً. وكما أغرقوا الناس بطوفان من الشائعات والفبركات بالتشكيك بكون الطائرتين للكيان وجيشه، صارت القضية عدم وقوع قتلى أو إصابات في جيش الاحتلال كما في الطائرة الأميركية في هرمز، لكن الحقيقة بقيت، أن الضربة التي تلقاها الأميركي والإسرائيلي قد أصابته في صميم قوة ردعه، لكنها رغم الألم أقل مخاطرة من الحرب، فيبحث عن ذريعة للهروب، الحقيقة التي باتت قانون حرب، هي أن واشنطن ومثلها تل أبيب تريدان الحرب على محور المقاومة ولكنهما تخشيانها، وأن محور المقاومة لا يريد هذه الحرب لكنه لا يخشاها.
– ببساطة الردع مهابة، وإعلان جهوزية لدخول الحرب عند مجرد تخطي الآخر الخطوط الحمراء، والهزيمة اختراع الذرائع والمبررات للتهرب من خوض حرب جرى التهديد بخوضها رغم دوس الآخر على الخطوط الحمراء، وثمة مهابة تتمرغ بالوحل ومهابة تعانق عنان السماء.
2019-09-04 | عدد القراءات 1839