ناصر قنديل
– يدور نقاش قانوني وسياسي حول إعلان فوز مرشح حزب الله للانتخابات الفرعية في قضاء صور، بعدما أعلنت المرشحتان دينا حلاوي وبشرى خليل انسحابهما من المعركة الانتخابية، وفيما تتصدّر النقاش اعتراضات قانونية، يسوق بعض المعترضين شبهات حول ظروف الانسحاب. يعرف أبناء المنطقة، مع احترامنا لما قالته المرشحة بشرى خليل حول فرصها بالفوز، والتي يقدر لها جمهور المقاومة مواقفها الداعمة في المنابر الحقوقية العربية والدولية تجاه المقاومة وفلسطين وسورية، فإنه يبدو صعباً أن يجاريها هذا الجمهور والذين يعرفون واقع المنطقة الشعبي والسياسي، بأن خطراً حقيقياً كان بانتظار مرشح حزب الله لو تمت الانتخابات، وبالتالي إن كان حزب الله قد بذل جهداً لضمان فوز مرشحه بالتزكية فذلك ليس عائداً على الإطلاق لخشيته من النتائج لجهة ضمان فوز مرشحه، وبالتالي ربما يستحسن لو يحصر المعترضون على إعلان التزكية اعتراضهم بالشق القانوني كي يتسنى أخذهم على محمل الجدّ.
– في الاعتراض القانوني على التزكية، يسوق المعترضون سبباً وجيهاً يتصل بتاريخ إعلان المرشحة بشرى خليل انسحابها، بعد يومين من نهاية مهلة سحب الترشيحات وفقاً للقانون، وهذا الاعتراض في مكانه القانوني، لكن الذين يدافعون عن قرار إعلان التزكية، يستطيعون مجادلة المعترضين بأربع حجج، لا تلغي مضمون الاعتراض، لكنها تلغي مفاعيله القانونية، الحجة الأولى هي سابقة إعلان فوز النائب السابق بيار دكاش عن دائرة بعبدا عاليه في آذار 2006، بعد انسحاب المرشح بيار حشاش قبل يوم واحد من الانتخابات النيابية، ورغم مرور أيام عديدة على نهاية مهلة الانسحاب قانوناً، والحجة الثانية هي توفير مبالغ مالية وجهود أمنية على الدولة، يشكل التمسك بإجراء الانتخابات رغم الانسحابات عملاً شكلياً مكلفاً ونوعاً من لزوم ما لا يلزم، أما الحجة الثالثة فتنطلق من مبدأ قانوني يتعلق ببطلان القرارات المطعون بصحتها، من خلال مدى صلاحية الحجة المطروحة لتبرير الإبطال أمام هيئة صالحة للمراجعة، وقرار وزارة الداخلية يمكن نقضه أمام مجلس شورى الدولة، إذا توافرت جهة ذات صفة. وهذا عامل غير متوافر خصوصاً إذا تم تحصين القرار بقرار يصدر عن مجلس الوزراء، أما الحجة الرابعة فهي أنه عندما يصير قرار التزكية معلناً كنتيجة نهائية للانتخابات فحق إبطال نتيجة الانتخابات يصبح محصوراً بالمجلس الدستوري والطعن أمامه محصور بالخاسر الأول وهو غير متوافر.
– عندما نسجل اعتراضنا على الصيغة التي تمّت فيها معالجة القضية من قيادة حزب الله، فإننا نفعل ذلك حرصاً على أمرين، الأول والأهم هو أن مكانة ومهابة سماحة السيد حسن نصرالله كرمز لقيادة المقاومة في المنطقة وليس في لبنان فقط، هي جزء من معادلات الردع الاستراتيجي في المنطقة، ومن غير الجائز وضعها كرصيد لمعادلات محلية بحجم حال ترتيبات إجرائية لشكل من أشكال الفوز المضمون لمرشح الحزب سواء بانتخابات أو بدونها، أما تكريم المرشحة من سماحة السيد لمواقفها تجاه المقاومة فأمر مختلف عن ربط انسحابها بتلقيها تمنياً من سماحته، والاعتبار الثاني هو أنه من غير المقبول أن يضع حزب الله مكانته الخارجة من انتصار تاريخي نوعي بحجم ما فرضه تاريخ الأول من ايلول وما بعد عملية أفيفيم، في دائرة التداول حول سلامة فوز مرشحه قانوناً، أو طلب التزكية ودفع ثمنها تشكيكاً بقدرته على الفوز، مشفوعة بتمنٍّ من السيد نصرالله، وما تبعهما من تشكيك سياسي وقانوني، وقد وفّرت الأجواء المرافقة لعملية افيفيم مخرجاً مناسباً لانسحاب المرشحين تحت عنوان رفض توظيف ترشيحهم في تقديم صورة لانقسام غير مقبول حول المقاومة التي يقودها حزب الله، وإن لم يفعلوا من تلقاء أنفسهم فلتكن الانتخابات، ويا ليت حزب الله قام بتجنيبنا وتجنيب سيرته المقاومة هذه الكأس المرّة، مع إدراكنا لاعتباراته بما فيها رغبته بالحفاظ على أرقام مرموقة للمشاركة الشعبية في الاقتراع لن تتحقق كما يرغب في ظروف الانتخابات الفرعية، لكنها بكل حال ستضمن الفوز الساحق بكل تأكيد.
– اللهم أشهد أني قد بلَّغت!
2019-09-09 | عدد القراءات 1874