ناصر قنديل
– يعتقد الرئيس التركي أنه يملك قوة راكمها خلال سنوات الحرب على سورية يجب أن تحجز له مكاناً في مستقبلها، وهي مجموعة من عشرات آلاف الأخوان المسلمين المنظمين في جيش عميل لتركيا/ وهو يباهي بذلك ويرفع العلم التركي ويقاتل تحت قيادة الجيش التركي، بما يعيد للذاكرة صورة جيش العميل أنطوان لحد الذي كان يمسك بالشريط الحدودي المحتل في جنوب لبنان قبل تحريره. ويرغب أردوغان ببناء شريط مثله يعيد إليه أعداداً من النازحين ويستولي على نفطه، كما طمحت إسرائيل بالاستيلاء على مياه نهر الليطاني في جنوب لبنان، وقوة الارتكاز التركية من السوريين تشبه الجماعات التي تستند إليها قسد الذين كانوا يرفعون الأعلام الأميركية ويباهون بتبعيتهم لواشنطن، ويقدمون هوية الكانتون الذي قاموا ببنائه على هويتهم الوطنية السورية. وبالمناسبة فعشرات الآلاف هنا وعشرات الآلاف هناك يختصرون عملياً ما سُمّي بـ الثورة السورية ذات يوم على ألسنة الأميركيين والأتراك، وهو الآن يتكشف عن مجموعة عملاء سوريين للأميركيين والأتراك يدفعون ثمن عمالتهم الغبية، أو يؤدون مترتبات عمالتهم الأشد غباءً.
– رغم أصوات القذائف وغارات الطيران، تبدو الأصوات الأعلى هي لتحذيرات متشابهة يطلقها أردوغان وقيادة قسد، ووجهة التحذير هي أوروبا، فالفريقان لا يراهنان على كسب الحرب عسكرياً، وقد أظهرت المواجهات الأولى فراراً متبادلاً من الميدان للجيش الأخواني الذي زجّ به أردوغان، ولجيش قسد، فقد أعمت العيون حياة الترف التي عاشها جيش الأخوان في فنادق تركيا، وفي ترف عائدات البلطجة التي أتاحها لهم أردوغان في مناطق تركية متعدّدة أدت إلى انتفاضات استهدفت النازحين السوريين في اسطمبول وغيرها. وبالمقابل وفي حياة لا تقل ترفاً عاشت جماعة قسد وفرضت الخوات على العرب والأكراد، ويزجّون في المعارك بالذين قاموا بتجنيدهم بالقوة خلال السنة الماضية، وليس خافياً أن عشرات الآبار المحاذية للحدود حفرتها جماعة قسد وجماعة أردوغان مقابل بعضهما البعض تربطها أنابيب تحت خط الحدود، يفرغ فيها جماعة قسد بالصهاريج نفط سورية المنهوب، ويعيد تحميله جماعة أردوغان من الجهة المقابلة لبيعه وتقاسم عائداته مع القسديين، والبنية الرئيسية في الفريقين لا تريد أن تحارب.
– الرهان على وصول الأصوات إلى اوروبا، ومَن يسبق يكسب الحرب، بقدر من القصف والصمود، والأصوات متشابهة. القسديون يلوّحون بخطر عودة داعش، وانهيار معسكر الهول وفرار السجناء إذا تواصل الهجوم التركي، وأردوغان يلوّح بدفع مئات آلاف النازحين السوريين نحو أوروبا، إذا بقيت تضغط وتهدّد بالعقوبات الموجّهة لتركيا دفاعاً عن قسد، وأوروبا الواقعة بين شاقوفي الابتزاز بتدفق النازحين وانفلات إرهابيي داعش، هي ما سيقرّر مستقبل الحرب، والفريقان متشابهان في لعبة الابتزاز، توأم من نصفين برأسين وجسد واحد.
لن يُسمح لأردوغان بالتوغل عميقاً، كي يبقى كابوس داعش نائماً، ولن يسمح لقسد بالحفاظ على الإمارة المستقلة كي لا يتدفق النازحون نحو أوروبا، وستبقى المبادرة للدولة السورية التي ستقرر ساعة صفر وحدها تكون فيها قد قلبت الطاولة فوق رأس الفريقين حماية للسوريين عرباً وأكراداً وأشوريين، وحماية للثروة السورية، التي يتقاسمها اللصوص عبر الحدود، وهي ساعة ليست بعيدة.
2019-10-11 | عدد القراءات 136473