ناصر قنديل
– خلافاً لما يقرأه الكثيرون في تسلسل الأحداث، فالذي حَدَث هو أن الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد منذ بداية العدوان التركي أصدر أوامره بالاستعداد للجيش العربي السوري للتوجّه شمالاً ووضع الخطط والترتيبات وقراءة الميدان والخرائط واختيار الأماكن. وجيش محترف كالجيش السوري يملك في أرشيفه المعدّ سلفاً عشرات المشاريع والبدائل لكل فرضيّة والذي حدث أن الرئيس الأسد أبلغ الحليفين الروسي والإيراني قراره بردّ العدوان، مهما كان الثمن، فتلك مسؤولية الدولة السورية عن حفظ سيادتها وحماية وحدتها وعن أبنائها وأرضها. وأبلغت القيادة السورية لقيادة قسد بواسطة الروس والإيرانيين ومباشرة بالقرار السوري، وبأن مَن يقف بوجه الجيش السوري سيعامَل بالسلاح المناسب، والجيش السوري لن يطلب تفاهمات تتيح له الدخول إلى أي أرض سورية. فمن يعتبر أنه سوري مدعوّ للوقوف خلف الجيش السوري. أما السياسة فلها مستويات أخرى، لكنها ليست موضوعاً قابلاً للمقايضة في موازاة قضيتي وحدة سورية وسيادتها.
– وفقاً لهذه الصورة فقط يمكن قراءة ما يجري منذ ساعات مساء أمس، في الشمال السوري، القرار سوري والمبادرة سورية. والاحتضان من الحليفين الروسي والإيراني بدأ منذ تبلّغ الحليفان بالقرار، بالإعلان عن لا شرعية ما سُمّي بالعملية التركية الحدودية، وببدء الاتصالات بالقيادات الكردية والتركية للتحذير من عواقب التصادم مع الجيش السوري عندما يبدأ بالتحرّك في الميدان، نحو الحدود الشمالية، وتوجيه النصائح بالذهاب للتفاهم مع الدولة السورية، تحت سقوف واضحة، وحدة سورية وسيادتها خط أحمر، وعنوانهما انتشار الجيش السوري في كل الأراضي السورية. وأبدى الحليفان الروسي والإيراني الاستعداد للتوسط مع الدولة السورية لبدء مفاوضات تحت هذه السقوف، وتحديد المطلوب من القيادة الكردية إعلان عدم التورّط في مشروع انفصالي، أي إعلان حل الكانتون والترحيب بالجيش السوري وفتح باب السياسة بصورة منفصلة. والمطلوب من القيادة التركية اعتبار اتفاق أضنة إطاراً صالحاً لتنظيم الوضع عبر الحدود مع سورية وتحقيق المطلوب أمنياً، والترحيب بدخول الجيش السوري ووصوله إلى الحدود.
– الموقف العربي كان دون مستوى الحدّ الأدنى، ولا يستحق حتى المتابعة، لولا كلمة وزير الخارجية اللبنانية الذي وضع النقاط على الحروف، الخطوة الوحيدة التي قد يكون لها طعم ولون ورائحة، هي الاعتراف بخطأ إخراج سورية من الجامعة العربية والبدء بتصحيح الخطأ، بالتراجع عنه، لكن الموقف العربي تكشّف عن فضيحة، فهم يعلمون أن لحفظ وحدة وحماية سورية طريقاً واحدة وهي دعم الدولة السورية، وما عدا ذلك تنازع مع تركيا على إدارة الدويلة الانفصالية، بين دعم عربي أوروبي لدويلة كردية، ودعم تركي لدويلة عربية يقيمها الأخوان بقوة العدوان، ورغبة أميركية بتقاسم الدويلتين بين الفريقين وإدارة التقاسم بينهما في واشنطن، ويا لَلمهزلة عروبة تركية وعروبة كردية، وحكم أميركي.
– كما كل مرة سورية تبادر وتحسم وتفاجئ. الدولة والشعب والجيش والجامع المشترك رئيس شجاع ومبدئي وحاسم، وحلفاء أشداء صادقون، وكما تحرّرت حلب وبعدها دير الزور وتدمر والبادية والغوطة ودرعا، سيتحرّر شمال سورية غرباً وشرقاً ويعود العلم السوري وحده ليرفرف في سمائه.
2019-10-14 | عدد القراءات 3544