– الأكيد أنه تستحيل رؤية الشارع الشعبي في الساحات بمجرد وجود إرادة وراء ذلك سواء كانت هذه الإرادة خيّرة أم شريرة، والفارق أن الإرادة الخيّرة لا تستعين بالشارع ولا تخاطر به إلا وفقاً لخطة واضحة ولأهداف معلنة تطابق الأهداف المضمرة، بينما الإرادات الشريرة تستثمر قضايا محقة يستشعرها الشعب ويتفاعل معها لتجعله مساحة لتبادل الرسائل وتتلاعب به وتحوّله إلى فوضى متنقلة قابلة للتفجير وتغيير مسارات السياسة بصورة تصبح معها نقاط انطلاق حراك الشارع في النسيان.
– الاقتصادات التي ترتبط باللعبة المالية التي تحكمها واشنطن مهما بدت قوية هي اقتصادات هشّة إذا إرادت واشنطن تفجيرها ودفعها للتسبّب بأزمات وصولاً لتفجير الشارع. ولبنان والعراق لا يرقيان لمستوى الاقتصاد التركي الذي لم يصمد أمام الضغوط والقرارات الأميركية المصرفية عقاباً على السياسات. وليس في تركيا ما يتسبب بإزعاج واشنطن يضاهي ما لديها ضد لبنان ومكانة المقاومة فيه وداخل دولته.
– السباق بين مسارين في التعامل مع الشارع هو الذي سيقرّر مصير الحراك الشعبي: مسار يلاقي أوجاع الناس ومسار يريد استغلال أوجاع الناس. والخطر هو في جعل مقياس ملاقاة أوجاع الناس ما يقبله أهل السياسة الذين بينهم كثير ممن يريد استغلال الشارع والوجع الذي دفعه للخروج والغضب.
– جوهر ما يثير الناس ويحركها هو هذا الكم الهائل من الفساد المستشري والمتراكم، وما أنتجه من فوارق اجتماعية هائلة بين الناس وبين مَن خرجوا من صفوفها إلى السلطة وصعدوا على أكتافها والتهرب من مواجهة هذا الملف واستبداله بالبحث في كواليس السياسة عن ألاعيب قد تشكل خداعاً بصرياً مؤقتاً تهدئ الشارع كتغيير الحكومات سيمنح الفرصة لانقلاب المشهد لصالح الإرادات التي تلاقي واشنطن في محاصرة خيار المقاومة في لبنان والعراق، لأن لواشنطن في تغيير الحكومات دفاتر شروط لا تساوم عليها ويردّدها مَن يدينون لها بالولاء لقاء بقاء ملفات الفساد خارج البحث.
ناصر قنديل
2019-10-25 | عدد القراءات 3390