الاستشارات النيابية تطرح على الكتل النيابية إشكالية التناقض بين حكومة تكنوقراط ورئاسة الحريري

الاستشارات النيابية تطرح على الكتل النيابية إشكالية التناقض بين حكومة تكنوقراط ورئاسة الحريري 
مخاوف من طابع مذهبيّ يسيطر على بعض ساحات الحراك بانضمام تيّار المستقبل 
تحدّي فتح الطرقات أمام قيادة الجيش... واختبار فتح المدارس اليوم والمصارف غداً كتب المحرّر السياسيّ

يّمسك رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري بيد بمشروع تحريك شارعه وضمّه إلى الحراك وإعادة إنعاش حلفه مع شريكيه في قوى 14 آذار القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، وبيد أخرى كونه عنوان المساهمات المالية من مؤتمر سيدر، ويتقدّم بمشروع إعادة تسميته لرئاسة الحكومة الجديدة، بصفتها حكومة تكنوقراط، وهذا يعني عملياً أولاً سقوط التسوية الرئاسية عبر اصطفاف الحريري مع حلفائه السابقين في 14 آذار، واشتراك جمهوره في ساحات الحراك بتوجيه الشتائم لكل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، كما حدث في ساحات طرابلس وصيدا وبرجا، ويعني ثانياً تعقيد فرص إعادة تسميته بإرباك الكتل النيابية في التعامل مع تسميته رئيساً لحكومة تنوقراط، ما يعني عملياً إبعاد القوى السياسية وقادة الطوائف عن القرار السياسي لصالح تيار المستقبل وما يمثل طائفياً، لأن مفهوم حكومة تكنوقراط يعني الابتعاد عن قاعدة التمثيل السياسي، ووجود رئيس بحجم الحريري وتمثيله السياسي والطائفي لحكومة تكنوقراط لن يعني إلا إخلالاً خطيراً بالتوازنات السياسية والطائفية، ستجد الكتل النيابية نفسها معنية بأخذه بالاعتبار.

بالتوازي كان مشهد أمس، مليئاً بالإشارات لجهة غياب القرار السياسي بتوفير الدعم والمساندة للجيش في مهمة فتح الطرقات، حيث برزت شوارع الأطراف المنضوية في قوى 14 آذار بين نمطين، نمط مثّلته الشوارع التي تسيطر القوات اللبنانية على قرارها، وقد استجابت لدعوة قيادة الجيش صباحاً، وعادت لتتحدّث عن مهلة 48 ساعة لتشكيل الحكومة الجديدة تحت التهديد بالعودة لإقفال الطرق، ومعلوم حجم التعجيز بوضع هذه المهلة، التي تشكل عملياً قراراً ضمنياً بإقفال الطرق، وتقديم هدنة 48 ساعة فقط، وبينما كان شارع الحزب التقدمي الاشتراكي ميالاً للترقب، ظهر شارع الرئيس الحريري صدامياً في كل مناطق انتشاره، حيث سارع للتقدم كجزء من الحراك، وقام مناصرو تيار المستقبل بقطع الطرق في البقاع والشمال والجبل والجنوب، وترافق هذا التصعيد مع خطاب مذهبي، نسف كل حديث عن لاطائفية المنحى الذي افتتحه الحراك.

فتح الطرق سيكون التحدّي الرئيسي أمام الجيش اليوم ترجمة لبيانه، في ظروف تبدو أشدّ صعوبة مع المشهد السياسي المتداخل مع الحراك والقادر على استخدام ساحاته، بينما تراجع وزير التربية عن دعوته لفتح المدارس تاركاً لمدرائها تقدير وضع مناطقهم، وبقيت دعوة جمعية المصارف لفتح الأبواب أمام الزبائن يوم غد الجمعة، أهم الامتحانات لمساكنة سليمة بين الشارع والسياسة، تتم خلالها مناقشة الملف الحكومي في ظل بروز مشاريع لدعوات تصعيدية نحو المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، وظهور مواقف أميركية وأممية داعمة للحراك، متجاهلة دور العقوبات الأميركية على لبنان في التسبّب باختناقه الاقتصادي والمالي ودور تمسك الأمم المتحدة برفض عودة النازحين السوريين في التسبّب بمزيد من الضغوط على الاقتصاد.

وإن كان المتوقع من استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري احتواء الشارع وتهدئته تمهيداً لإعادة الحياة الاقتصادية الى طبيعتها والبدء بالاستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة كمطلب علني للمتظاهرين، بدا أن الاستقالة ليست سوى حلقة ثانية من مخطط تفجير الشارع لتحقيق أهداف سياسية متعددة في إطار إعادة السيطرة على السلطة وحصار المقاومة.

وإذ بدا المشهد صباح أمس، أنه يتجه الى فتح الطرقات بدعوة من بعض مجموعات الحراك انقلب المشهد بعد الظهر لتعود الحشود الى الشارع ويتصاعد مسلسل قطع الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية التي عجز الجيش اللبناني عن فتحها بعد صدامات مع قطاع الطرق ما أدّى الى قوع ستة جرحى في صفوف الجيش في منطقة العبدة في الشمال.

أما اللافت هو الانتشار الكثيف لمجموعات تيار المستقبل في شوارع بيروت والبقاع وصيدا والشمال مع ظهور مسلح وانضمام عدد منهم الى المعتصمين في ساحتي رياض الصلح والشهداء كما أُعيد قطع جسر الرينغ وسط بيروت وأعلن المتظاهرون أنهم سيعودون اليوم الى قطع الطرقات، وافترش عدد كبير منهم الطريق فيما القوى الأمنية والجيش موجودان في الجهة المقابلة، وكرّر رئيس الحكومة سعد الحريري الطلب الى جمهور المستقبل الامتناع عن العراضات في الشوارع والتزام التعاون مع الجيش وقوى الأمن، كما اتصل بقائد الجيش جوزاف عون مشدداً على عدم التعرّض للمتظاهرين.

وفيما أفيد أن قراراً رئاسياً بمنع وسائل الإعلام بالنقل المباشر للتظاهرات والتوتر الأمني في الساحات نفت مصادر إعلامية مختلفة في مؤسسات إعلامية تلفزيونية صحة أي قرار بذلك، وعادت الى البث المباشر من الشوارع مساءً.

وقالت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ البناء إن قطع الطرقات خطة مدبّرة من أربع قوى ولأهداف مختلفة: تيار المستقبل لفرض إعادة تكليف الحريري لرئاسة الحكومة، القوات بهدف إعادة دخولها بحصة وازنة في الحكومة، الحزب الاشتراكي لإعادة حضوره بقوة في الحكومة وجزء من الحراك في الشارع الذي تحركه السفارات يضغط لتحقيق مطالب خارجية سياسية تعجيزية كحكومة التكنوقراط.

وقد لفتت المصادر الى أن طريقة استقالة الحريري كانت مستفزة للفريق الآخر لا سيما الرئيس ميشال عون وحزب الله والوزير جبران باسيل . وعلمت البناء أن الولايات المتحدة أبلغت الحريري أن الشرط لقبوله إعادة تكليفه عدم مشاركة اي وزير ينتمي الى حزب الله ، مشيرة الى أن الهدف إحراج حزب الله لإخراجه من الحكومة ونزع الشرعية الرسمية عنه . وأضافت المصادر أننا أمام صراع سياسي جديد وربما أمني بين فريقين: الحلف الأميركي الخليجي الإسرائيلي ولديه أوراق المال والإعلام والدعم الخارجي وفريق حلف المقاومة والتيار الوطني الحر ولديه توقيع تأليف أي حكومة جديدة والديموغرافيا والسلاح بوجه أي عدوان داخلي او إسرائيلي .

ورأت المصادر أن تلكؤ الدولة بتأمين حرية انتقال المواطنين سيؤدي الى تولي الشعب بنفسه. ومن هذا المنطلق أعدت الجهات المختصة فرصة لأجهزة الدولة لفتح الطريق وذلك بعد إصرار بعض قطاع الطرق على قطع طريق بيروت الجنوب، وبعد حادثة الاعتداء على مراسلة ان بي ان رشا الزين، وبعد ساعة عمد الجيش الى فتح بعض الطرقات ما لاقى معارضة شديدة وأدّى الى صدامات. مشيرة الى أن الحريري غير متعاون بموضوع فتح الطرقات بناء على تعليمات خارجية لمزيد من الفوضى والضغط السياسي على رئيس الجمهورية .

ورفضت مصادر التيار الوطني الحر حكومة تكنوقراط في ظل الوقت الراهن في المنطقة والتحديات القائمة، فضلاً عن أن حكومات ما بعد الطائف كانت حكومات سياسية لكن يمكن الاستعانة بوزراء تكنوقراط، لكن لا يمكن السير بحكومة تكنوقراط كاملة ولفتت لـ»البناء» الى ان «احد الخيارات حكومة سياسية مطعمة بتكنوقراط مع فصل النيابة عن الوزارة وما ينطبق على باسيل ينطبق على الحريري أيضاً». وتحذّر المصادر بأن فرض فيتو على توزير رئيس التيار جبران باسيل بمثابة نسف التسوية السياسية مع الحريري، مشيرة الى أنه «يجب وضع إطار جديد للتسوية، لافتة الى تدخلات خارجية واضحة بالشأن اللبناني وبموضوع الاستقالة وتطبيق النموذج الذي طبق في اوكرانيا من زيارة وزير الخارجية الاميركي الى لبنان في اوائل الصيف الماضي الى الحرائق المفتعلة الى ازمة الدولار والمحروقات الى تفجير الشارع وصولاً الى الاستقالة والمخطط مستمر بحلقاته المقبلة».

ويوجّه عون رسالة الى اللبنانيين عند الثامنة مساء اليوم لمناسبة الذكرى الثالثة لتوليه سلطاته الدستورية، يتناول فيها التطورات الراهنة، وذلك عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

واعتبر الرئيس نبيه بري أن «لبنان لا يحتمل المزيد من المتاعب اقتصادياً ومالياً»، مشدداً على أن «الوحدة والانفتاح والحوار بين بعضنا البعض كلبنانيين يجب أن تسود المرحلة الراهنة». وطالب أمام النواب خلال لقاء الأربعاء بالاستعجال بتأليف الحكومة وفتح الطرقات، محذراً من فقدان الأمل بالأمن في لبنان ومبدياً خشيته من الضغوط الدولية ابتداء من اليوم.

وقال عضو الوفاء للمقاومة النائب علي عمار لم نتفاجأ باستقالة الحريري فقد كانت من ضمن الاحتمالات المقدّرة. وهو وضع الكثير من الفرقاء بجوّ استقالته. ووين كانت مفاجأة إلنا طالما أطلع الكل إنو رح يستقيل ! وأكد عمار من عين التينة ان كافة الأمور المتعلقة بالحكومة لم تبحث بعد، مضيفاً أن حزب الله يدرس ما إذا كان سيقبل بتشكيل حكومة تكنوقراط أم سيقبل بعودة الحريري . عمار ورداً على سؤال حول الإشكال والهجوم الذي حصل في وسط بيروت سأل: أين الجيش والقوى الأمنية؟ .

2019-10-31 | عدد القراءات 2005